أكيد تعرضنا لمقالات بتتكلم عن أهمية القراءة للأطفال. وبنسمع فيديوهات بتشرح أهمية حكاية قبل النوم، وقد ايه الحكاية بتفرق مع النشاط الذهني للطفل وتنمية مهاراته إلى آخره.
لكن عمرك سألت نفسك هو يعني إيه أصلا حكاية؟
طب عمرك سألت ابنك: أنت مين؟ عمرك حاولت تشوف ابنك / بنتك بيعرَّفوا نفسهم ازاي؟ حاولت تفهم شايفين نفسهم إيه؟ بيتكلموا عن نفسهم ازاي؟
هل عمرِك حسيتي كأم بتأنيب ضمير علشان مش لاقية وقت تقري لابنك أو بنتك؟ بتحسي كتير انك مقصرة في موضوع القراية ده وقلقانة على مهارات طفلك لتتأثر؟
طب هو إيه علاقة الأسئلة اللي أنا باسألها دي ببعض؟ وإيه علاقة ده بالقصص والحكي؟
تعالوا ناخد الموضوع من البداية:
الأدباء والمهتمين بقصص الأطفال عرفوا القصة ازاي؟
الأدباء والمتخصصين في أدب الاطفال الحقيقة قدموا تعريفات كتير لمفهوم قصة الأطفال من ضمنها مثلاً:
- إن قصة الأطفال بتنقل للطفل خبرات الحياة المُعقدة للطفل بشكل يناسبه.
- وإنها القدرة على إطلاق العنان لقوة المشاعر الإنسانية.
- مش كدة بس، في ناس عرفوا القصة إنها الحاجة إللي بتتكلم عننا.
- وإنها احتياج طبيعي للإنسان زيها زي الأكل والشرب. يعني الإنسان ميقدرش يعيش من غيرها.
كل دي تعريفات للقصة لطيفة وجميلة ومنطقية، وأغلبنا لو اتسأل عن منظوره عن قصة الأطفال هيجاوب إجابات مشابهة.
من فترة قريبة، في اتجاه ظهر في العلوم الإنسانية عمل ضجة كبيرة في مفهوم القصة والحكي وعلاقتهم بالإنسان. عارفين الاتجاه ده قال إيه:
قال إن الإنسان بيتولد بالطبيعة حكواتي ! وإن الحكي مش مهارة مكتسبة بالأساس، أو فن بيتم اكتسابه مع التدريب زي ما ناس كتير بتقول. لكن الإنسان بطبيعته كدة، بيتولد يعرف يحكي ويحب يحكي.
طب هتقولي وإيه يعني ما هو منطقي الكلام، هقولك استنى ما أنا جايلك في الكلام.
الاتجاه ده راح لأبعد من كدة:
زمان لما درسنا في العلوم، كان الإنسان بيتميز عن باقي المخلوقات على إنه كائن " Homo sapien" وبيتعرف على إنه الكائن العاقل، أو الكائن اللي عنده قدرة على اكتساب المعرفة. لكن في الواقع بقى في تعريف آخر للإنسان غير كونه كائن عاقل. الإنسان بقى بيتميز عن باقي المخلوقات على إنه " Homo narrans" يعني كائن حكواتي.
يعني الحكي أو القدرة على الحكي بقى مُحدِّد من محددات تصنيف الكائن الحي بكونه إنسان ولا مش إنسان.
يعني، علشان أقدر أقول إن الكائن ده بني آدم ولا مش بني آدم ده هيتحدد عن طريق الكائن ده بيعرف يحكي ولا مبيعرفش.
فبقت كل كلمة بتخرج مننا هي حكاية، كل تعبير بيطلع مننا سواء بالكلام أو حتى بالحركات الانفعالية هو حكاية، كل فكر بنفكره هو حكاية.
الحكاية، من الآخر هي مركز تكويننا الإنساني.
أنا أحكي إذًا أنا إنسان.
والفكرة دي الحقيقة هتخلينا نعيد التفكير تاني في خطورة الحكي والحكاية وأهميتهم. وده اللي هنتكلم عليه أكتر في الحلقات الجاية.
تابعونا